فصل: قال الماوردي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال السمرقندي:

ثم قال: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ}
عاقبة ما وعدهم الله.
وهو يوم القيامة.
{يَقُولُ الذين نَسُوهُ} يقول: الذين تركوا العمل والإيمان {مِن قَبْلُ} يعني: في الدنيا {قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بالحق} وذلك أنهم حين عاينوا العذاب، وذكروا قول الرسل، وندموا على تكذيبهم إياهم.
يقولون: {قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بالحق} أي بأمر البعث فكذبناهم {فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا} لأنهم يرون الشفعاء يشفعون للمؤمنين، فيقال لهم: ليس لكم شفيع.
فيقولون: {أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ} أي: هل نرد إلى الدنيا فنصدق الرسل ونعمل غير الشرك {فَنَعْمَلَ} صار نصبًا لأنه جواب الاستفهام، وجواب الاستفهام إذا كان بالفاء فهو نصب.
وكذلك جواب الأمر والنهي.
يقول الله تعالى: {قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ} أي: قد غبنوا حظ أنفسهم {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} أي يكذبون بأن الآلهة شفعاؤهم عند الله. اهـ.

.قال الثعلبي:

{هَلْ يَنظُرُونَ} ينتظرون {إِلاَّ تَأْوِيلَهُ} أي ما يؤول إليه أمرهم من العذاب وورود النار.
قال قتادة: تأويله ثوابه. وقال مجاهد: جزاؤه. وقال السدي: عاقبة. وقال ابن زيد: حقيقته {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الذين نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحق فَهَل لَّنَا} اليوم {مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ} إلى الدنيا {فَنَعْمَلَ غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ} قال الله تعالى: {قَدْ خسروا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ} زال وبطل {عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ} أي هل ينظرون، فعبر عن الانتظار بالنظر، {إِلاَّ تَأْوِيلَهُ} أي تأويل القرآن، وفيه وجهان:
أحدهما: عاقبته من الجزاء، قاله الحسن.
والثاني: ما فيه من البعث والنشور والحساب.
{يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} فيه وجهان:
أحدهما: القضاء به، قاله الحسن.
الثاني: عاقبة ما وعدهم الله به في الدنيا والآخرة، قال الكلبي.
{يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ} فيه قولان:
أحدهما: معنى نسوه أعرضوا عنه فصار كالمنسي، قاله أبو مجلز.
والثاني: تركوا العمل به، قاله الزجاج.
{قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنبياء الله في الدنيا بكتبه المنذرة.
والثاني: الملائكة عند المعاينة بما بشروهم به من الثواب العقاب. اهـ.

.قال ابن عطية:

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ}
{ينظرون} معناه ينتظرون، والتأويل في هذا الموضع بمعنى المآل والعاقبة، قاله قتادة ومجاهد وغيرهما، وقال ابن عباس:. مآله يوم القيامة، وقال السدي: ذلك في الدنيا وقعة بدر وغيرها ويوم القيامة أيضًا، والمراد هل ينتظر هؤلاء الكفار إلا مآل الحال في هذا الدين وما دعوا إليه وما صدروهم عنه وهم يعتقدون مآله جميلًا لهم؟ فأخبر الله عز وجل أن مآله يوم يأتي يقع معه ندمهم، ويقولون تأسفًا على ما فاتهم من الإيمان لقد صدقت الرسل وجاءوا بالحقن فالتأويل على هذا مأخوذ من آل يؤول، وقال الخطابي: أولت الشيء رددته إلى أوله فاللفظة مأخوذة من الأول، حكاه النقاش.
قال القاضي أبو محمد: وقد قيل أولت معناه طلبت أول الوجوه والمعاني و{نسوه} في الآية يحسن أن يكون النسيان من أول الآية بمعنى الترك ويقرون بالحق ويستفهمون عن وجوه الخلاص في وقت لا مستعتب لهم فيه، وقرأت فرقة: {أو نردُّ} برفع الفعل على تقدير أو هل نرد وبنصب {فنعملَ} في جواب هذا الاستفهام الأخير، وقرأ الحسن بن أبي الحسن {أو نردُّ فنعملُ} بالرفع فيهما على عطف {فنعمل}، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو حيوة {أو نردَّ فنعمل} ونصب نرد في هذه القراءة إما على العطف على قوله: {فيشفعوا} وإما بما حكاه الفراء من أن {أو} تكون بمعنى حتى كنحو قول امرئ القيس:
أو نموت فنعذرا

ويجيء المعنى، أن الشفاعة تكون في أن يردوا ثم أخبر تعالى عن خسارتهم أنفسهم واضمحلال افترائهم على الله وكذبهم في جعل الأصنام آلهة. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {هل ينظرون إلا تأويله}
قال ابن عباس: تصديق ما وُعدوا في القرآن {يوم يأتي تأويله} وهو يوم القيامة {يقول الذين نسوه} أي: تركوه {من قبلُ} في الدنيا {قد جاءت رسل ربنا بالحق} أي: بالبعث بعد الموت.
قوله تعالى: {أو نُرَدُّ} قال الزجاج: المعنى: أو هل نُردُّ.
وقوله: {فنعملَ} منصوب على جواب الفاء للاستفهام. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ} بالهمز، من آل.
وأهل المدينة يخفّفون الهمزة.
والنظر: الانتظار، أي هل ينتظرون إلا ما وعدوا به في القرآن من العقاب والحساب.
وقيل: {ينظرون} من النظر إلى يوم القيامة.
فالكناية في {تأويله} ترجع إلى الكتاب.
وعاقبة الكتاب ما وعد الله فيه من البعث والحساب.
وقال مجاهد: {تأويله} جزاؤه، أي جزاء تكذيبهم بالكتاب.
قال قتادة: {تأويله} عاقبته.
والمعنى متقارب.
{يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} أي تبدو عواقبه يوم القيامة.
و{يوم} منصوب بيقول، أي يقول الذين نسوه من قبل يومَ يأتي تأويله.
{قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحق فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ} استفهام فيه معنى التمني.
{فَيَشْفَعُواْ} نصب لأنه جواب الاستفهام.
{لَنَا أَوْ نُرَدُّ} قال الفرّاء: المعنى أو هل نردّ.
{فَنَعْمَلَ غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ} قال الزجاج: نردّ عطف على المعنى، أي هل يشفع لنا أحد أو نردّ.
وقرأ ابن إسحاق {أو نرد فنعمل} بالنصب فيهما.
والمعنى إلا أن نرد؛ كما قال:
فقلتُ له لا تَبْكِ عينُك إنما ** نحاول مُلْكًا أو نموتَ فنُعْذَرَا

وقرأ الحسن {أو نرد فنعمل} برفعهما جميعًا.
{قَدْ خسروا أَنْفُسَهُمْ} أي فلم ينتفعوا بها، وكل من لم ينتفع بنفسه فقد خسِرها.
وقيل: خسروا النِّعَم وحَظّ أنفسهم منها.
{وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} أي بطل ما كانوا يقولون من أنّ مع الله إلهًا آخر. اهـ.

.قال الخازن:

{هل ينظرون} يعني ينتظر هؤلاء الكفار الذين كذبوا بآياتنا وجحدوها ولم يؤمنوا بها {إلا تأويله} يعني هل ينظرون ويتوقعون إلا ما وعدوا به على ألسنة الرسل من العذاب وأن مصيرهم إلى النار والتأويل ما يؤول إليه الشيء {يوم يأتي تأويله} يعني يوم القيامة لأنه يوم الجزاء وما تؤول إليه أمورهم {يقول الذين نسوه من قبل} يعني: يقول الذين تركوا العمل بالقرآن ولم يؤمنوا به يوم القيامة عند معاينة العذاب {قد جاءت رسل ربنا بالحق} أقروا على أنفسهم واعترفوا حين لا ينفعهم ذلك الاعتراف والإقرار.
والمعنى أن الكفَّار أقرو بأن الذي جاءت به الرسل من الإيمان والتصديق والحشر والنشر والبعث يوم القيامة والثواب والعقاب حق وصدق وإنما أقروا بهذه الأشياء لأنهم شاهدوها معاينة وذلك حين لا ينفعهم ولما رأوا أنفسهم في العذاب قالوا: {فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل} يعني أنه ليس لنا طريق إلى الخلاص مما نحن فيه من العذاب إلا أن يشفع لنا شفيع عند ربنا فيقبل شفاعته فينا فيخلصنا من هذا العذاب أو نرد إلى الدنيا فنعمل غير الذي كنا نعمل فيها فنبدل الكفر بالتوحيد والإيمان والمعاصي بالطاعة والإنابة {قد خسروا أنفسهم} يعني أن الذي طلبوه لا يحصل لهم فتبين خسرانهم وإهلاكهم أنفسهم لأنهم كانوا في الدنيا أول مرة فلم يعملوا بطاعة الله ولو رُدوا إلى الدنيا لعادوا إلى ما كانوا عليه من الكفر والعصيان لسابق علم الله تعالى فيهم {وضل عنهم ما كانوا يفترون} يعني وبطل وذهب عنهم ما كانوا يزعمون ويكذبون في الدنيا من أن الأصنام تشفع لهم فلما أفضوا إلى الآخرة ذهب ذلك عنهم وعملوا أنهم كانوا في دعواهم كاذبين. اهـ.